سيصبح الإنسان الآلي أمرا مألوفا في أغلب البيوت قريبا بفضل الجهود المبذولة لتكييف التطبيقات مع متطلبات ربات البيت ونتيجة لانخفاض الأسعار خلال السنوات الأخيرة.فإذا كان الإنسان الآلي قد فرض وجوده في المعامل والورش، فإن تطبيقاته المنزلية بدأت تتكاثر مثلما يظهر معرض نظمته لجنة الأمم المتحدة لدول أوربا في قصر الأمم بجنيف.
من البديهيات المتعارف عليها اليوم، أن الإنسان الآلي قد فرض وجوده في العديد من دول العالم المتقدمة في القطاعات الصناعية، وبالأخص في قطاع صناعة السيارات.
وهذا ما تؤكده دراسة نشرتها مؤخرا لجنة الأمم المتحدة لدول أوربا حول وضع "الروبوت" اأ "الإنسان الآلي في العالم. فقد استنتجت الدراسة أن عام 2003 سجل رقما قياسيا حيث تم اللجوء إلى استعمال حوالي 800 ألف إنسان آلي في مختلف القطاعات الصناعية في العالم.
وكان من نتائج هذا التقدم في استخدام الإنسان الآلي أن ارتفعت الطلبات على تطبيقاته خلال النصف الأول من هذا العام بحوالي 18%. ومن الأرقام المذهلة الواردة في الدراسة أنه يتم اليوم استخدام إنسان آلي واحد مقابل عشرة عمال في معامل صناعة السيارات.
أقل تكلفة من اليد العاملةومن أهم ما يفسر الإقبال الكبير على استعمال الإنسان الآلي في القطاعات الصناعية، التطوير الذي شهدته التكنولوجيا المستعملة، وما تتيحه من انخفاض النفقات، في وقت تعرف فيه أجور اليد العاملة البشرية ارتفاعا متزايدا.
وفي وقت تشهد فيه الصناعات الثقيلة تأرجحا بين الرواج والكساد، ينعكس في شكل توظيف وتسريح لآلاف العمال، يرى أنصار استعمال الإنسان الآلي أن وتيرة الإنتاج يمكن أن ترفع او تخفض بدون التسبب في مآس اجتماعية في حال تنامي الإعتماد على الإنسان الآلي في مواقع الإنتاج والعمل.
فقد تم تسجيل انخفاض في أسعار الإنسان الآلي المستخدم في الصناعة بحوالي 66% منذ العام 1990 في الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت عرفت فيه أجور اليد العالمة في القطاع الصناعي الأمريكي في نفس الفترة ارتفاعا بنسبة 63%.
ومن الدول الأكثر إقبالا على استخدام الإنسان الآلي في العالم، اليابان حيث يتم إحصاء 322 إنسان آلي لكل 10 آلاف عامل وموظف، متبوعة بألمانيا بحوالي 148 ثم كوريا الجنوبية بـ 138 فإيطاليا بـ 116.
وفي مقارنة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، نجد أن "العالم القديم" يستخدم 93 إنسانا آليا لكل عشرة آلاف عامل وموظف في وقت لا يزيد الرقم عن 63 في الولايات المتحدة.
قريبا في بيوتكمإذا كانت الصناعة بدأت تلجأ بكثرة إلى استخدام الإنسان الآلي سواء في معامل صناعة السيارات او في مهام خطيرة مثل نقل المواد الكيماوية او تفكيك العبوات المتفجرة، فإن الاستخدام المنزلي الذي وُعدت به الإنسانية منذ اكثر من أربعين عاما هو اليوم محط تحقيق.
فقد أتاحت العينة التي عرضت في قصر الأمم بجنيف بمناسبة نشر دراسة لجنة الأمم المتحدة لدول أوربا حول استخدام الروبوت او الإنسان الآلي في العالم، للجمهور فرصة التعرف على بعض التطبيقات المنزلية كالإنسان الآلي الذي يقوم بمهمة الحراسة، او لتنظيف البساط او لقطع الأعشاب في حديقتكم او حراسة أطفالكم والسهر على تعليمهم في غيابكم وباستقلالية تامة.
فالإنسان الآلي الحارس Patrolbot، بإمكانه أن يحرس مساحة تحدد له مسبقا، وأن يسجل بالصوت والصورة ما يحدث فيها. وبالإمكان استخدامه لتقديم معلومات صوتية او لمراقبة أماكن يصعب مراقبتها عن طريق إرسال صور فيديو حتى في الأماكن المظلمة.
وبعد المكنسة الكهربائية جاءت مرحلة المكنسة الآلية Trilobite التي بإمكانها أن تنظف مساحة محددة مع تجنب الاصطدام بالحواجز وفي اكتفاء ذاتي تام بحيث بإمكانها أن تذهب لوحدها إلى مكان شحن بطاريتها. وما على ربة البيت إلا أن تبرمجها للعمل في أوقات محددة وان تسهر على تفريغ كيس جمع الغبار عند الإشعار.
ولرب البيت أيضا ما يريحه من عناء قطع أعشاب الحديقة في عطلة نهاية الأسبوع، بحيث بإمكانه الاستعانة بآلة Automower وهي عبارة عن آلة اوتوماتيكية لقطع الأعشاب. تبرمج للعمل في أوقات محددة ويتم تحديد المساحة التي يراد قطع الأعشاب فيها بواسطة سلك يكون بمثابة الآمر الناهي لها. وهي الأخرى آلة قادرة على التوجه إلى مكان شحن بطاريتها بنفسها ولا تستوجب الكثير من العناية او الصيانة.
تجارب عديدة وآفاق واعدةشركة كورية جنوبية عملت على تطوير صديق آلي لأطفالكم يسهر على مراقبتهم أثناء غيابكم وتلقينهم دروسا في اللغة او الرياضيات، أو أن يلاعبهم بواسطة جملة من البرامج التي تضاف له حسب ذوق الأولياء.
وبإمكان هذا "الصديق الآلي"، أن يوافيكم لحظة بلحظة بتسجيلات بالصوت والصورة من خلال الكاميرا التي زود بها. بل بالإمكان مشاهدة صور أبنائكم والاطمئنان عليهم عن بعد من خلال ربط الاتصال عبر شبكة الإنترنت. وحتى لما تكونون خارج مكتبكم او في الطريق يمكن بفضل الهواتف النقالة الجديدة، الاتصال عبر الإنترنت ومتابعة أحوال أبنائكم في البيت.
ومن التجارب التي تتم حاليا في سويسرا لاختبار نجاعة هذا الإنسان الآلي المسوق حاليا في كوريا الجنوبية، اختبارات لمعرفة قدرته على مساعدة الأطفال المعوقين غير القادرين على متابعة الدراسة في الفصول العادية.
ويقول مارك روزويل، الناطق باسم الشركة الكورية الجنوبية "Jujin Robotics": "يمكن إرسال الإنسان الآلي للمدرسة لتسجيل الدروس وإرسالها حتى مباشرة عبر الإنترنت لكي يتابعها الطفل المعوق او المريض من بيته او فراشه".
قد تبدو التطبيقات الكثيرة والمتنوعة المعروضة هذه الأيام في جنيف خيالية في الوقت الحالي، ولكنها قد تصبح في الغد القريب جزءا من حياتنا اليومية.